العسكري اللاجئ أنور مالك : أعظم بهتان جزائري

أن يستعمل النظام السعودي أصوات المثقفين والصحفيين والشيوخ المحليين فهذا أمر معروف لكل متتبع لشؤون المملكة وإعلامها، وكذلك تفعل جل الأنظمة العربية، لكن أن نجد مثقفين جزائريين في طليعة المطبلين للنظام السعودي والأوائل في جلب رسائل الكراهية المذهبية الغريبة لبلادنا، والتي عادة ما يوظفها آل سعود لشرعنة حكمهم الوراثي، فهذا بالفعل مثير للقلق. والمتتبع لوسائل التواصل الاجتماعي في الأسابيع الأخيرة يلاحظ انتشار حملة “تويترية” ضد سفير إيران في الجزائر وضد الشيعة بشكل عام (وهم يعدون على الأصابع في الجزائر) يقودها اللاجئ السياسي الجزائري المقيم في فرنسا نوار عبد المالك، المدعو “أنور مالك”.

Image processed by CodeCarvings Piczard ### FREE Community Edition ### on 2015-12-23 19:36:41Z | | ÿaVÿ4|pÿ<…xÿ/ž‚`á‚
العسكري السابق نوار عبد المالك في ضيافة أمراء آل سعود

فكيف تحول هذا العسكري اللاجيء في فرنسا والذي تصفه القنوات الإعلامية الخليجية “بالخبير والحقوقي والدكتور والإعلامي الجزائري” إلى بوق لنظام أجنبي رجعي يروج للكراهية المذهبية والتطرف للجزائر بلد الإسلام المالكي المعتدل الذي يعيش في كنفه العلمانيون والصوفيون والإباضيون والأقلية المسيحية بكل أمان ؟ وما سر تفرغ هذا اللاجئ لخدمة النظام السعودي على مواقع التواصل والفضائيات بدعم حروبه في اليمن وسوريا وحشد الدعم الجماهيري للمملكة الوهابية بالإعتماد على الخطاب الطائفي العرقي المشحون بالكراهية الذي يتبناه آل سعود لجماية عروشهم ؟ ألا نتبجج نحن في الجزائر “بالنيف” الذي لا يشترى بالمال ؟ أم أن “الأرز السعودي” أكبر من أن يقاومه أشباه مناضلي حقوق الإنسان ؟ أم أن الإنقسام الإيديولوجي والطائفي الذي تعانيه بلدان المشرق العربي والذي يغذي الحروب المدمرة في سوريا والعراق واليمن يشق طريقه لبلادنا عن طريق أبواق آل سعود المقيمين في أوروبا والذين ينعمون بديمقراطيتها وحرياتها ؟ وهل بإمكاننا التحدث عن لوبي سعودي يستهدف المثقفين الجزائريين ويسعى لتجنيدهم بعدما فشل آل سعود في جر الجزائر لحروبهم في سوريا واليمن وتبني الجزائر رسميا لموقف مستقل عن مغامرات أمراء الوهابية.

عندما يستثمر العسكري الفار في الدعاية لنظام آل سعود

دعونا نتعرض لظاهرة جديدة في الفضاء الإلكتروني الجزائري وهي انخراط شخصيات مقيمة في أوروبا ومحسوبة على الجزائر، على غرار نوار عبد المالك، في الصراع السعودي-الإيراني ورغبتهم في نقل الصراع المذهبي والقومي بين النظامين إلى الجزائر عن طريق البروباغندا الإعلامية. مخطئ من يعتقد أن ظاهرة شراء أصوات الصحافيين والمشايخ والفنانين لصالح الآلة الدعائية السعودية هي حالة خليجية بحتة وأن المثقف المغاربي – والجزائري على وجه الخصوص – سيبقى بعيدا عن التنافس المحموم على الزعامة الدينية والسياسية بين طهران والرياض.  صحيح أن موقف جمهور السلفيين في الجزائر يتعارض مع موقف “ولي الأمر المحلي” (الرئيس بوتفليقة) ويقف بقوة إلى جانب ولي الأمر الأجنبي السعودي-الوهابي ويبرر إيديولوجيًا ودينيا انخراطه في سوريا واليمن والعراق وكذلك دعمه المباشر للثورات المضادة لإفشال الربيع العربي في مصر والبحرين، وهذا مفهوم بسبب العلاقة الوثيقة بين تيار السلفية-الوهابية العابر للحدود وطبيعة نظام الحكم الديني الوراثي السعودي. لكن الملفت للإنتباه هو تفطن بعض المغتربين اللاجئين من أمثال الضابط الفار أنور مالك لضرورة ركوب موجة التطبيل للسياسات السعودية من منفاهم مقابل حفنة دولارات. ربما لكسب قوتهم ؟ بدون شك فهم يدركون الصورة القاتمة للمملكة الوهابية في أوروبا بسبب اضطهادها للناشطين والنساء وسطوة الأمراء على السلطة والثروة بالتحالف مع مشايخ الوهابية النجدية والقوى الغربية. لذلك فالبروباغندا تستهدف الرأي العام العربي الخليجي بالخصوص ويتجلى محتواها في تسويق الإيرانوفوبيا والكراهية المذهبية وتبجيل أمراء آل سعود الفاسدين باعتبارهم ورثة الصحابة ! هي دعاية وهابية تقليدية ضرورية للنظام السياسي السعودي يحترفها آلاف المشايخ والصحافيين المرتزقة والتي تبدو غريبة عن المشهد الديني الجزائري والمغاربي بشكل عام الأكثر اعتدالا مقارنة بالمجتمع السعودي، من جهة، وعن مبادئ المجتمع الأوروبي الذي يعيشون فيه هؤلاء اللاجئين والمبني على الحرية الدينية والتعايش و الديمقراطية من جهة أخرى.

ومن أبطال هذه “البروباغندا” المدفوعة الأجر أنور مالك، اللاجئ حاليا في فرنسا، واسمه الحقيقي نوار عبد المالك و هو ضابط سابق في الجيش الجزائري مكلف بالإتصال (الدعاية ؟) طرد من الخدمة ثم فر إلى فرنسا طالبا اللجوء السياسي. واليوم يقدم هذا الرجل في وسائل الإعلام الخليجية بصفتة مراقب دولي لحقوق الإنسان وناشط سياسي و”خبير” في التشيع والشؤون الإيرانية ! 

نوار عبد المالك: من جندي شاعر في قصر العطش إلى لاجئ !

نوار عبد المالك، العسكري السابق، فر من الجزائر طالبا اللجوء في فرنسا زاعما تعرضه للتعذيب بسبب قناعاته السياسية، بينما السلطات الجزائرية تتهمه بتزوير الحقائق وأنه تم سجنه بسبب تورطه في تجارة المخدرات. الضابط أنور انضم لمؤسسة الجيش عام 1991 في عز الأزمة الأمنية واختار طواعية الإنضمام للنظام ليس حبا في المؤسسة العسكرية أو اقتناعا بضرورة المشاركة في الحرب ضد الإسلاميين الذين رفعوا السلاح ضد الدولة بعد إلغاء الإنتخابات التشريعية، لا أبدا، بل للإسترزاق ! أنور مالك يريد الحصول على المال والقضية ليست قضية قناعات ومبادئ وهكذا الحال إلى يومنا هذا إذ يغير أرائه حسب الجهة التي تدفع له. أنور عبد المالك العسكري

وقد صرح في 2007 لصحيفة الوسط التونسية أنه انخرط في الجيش بسبب ” رغبته في تحقيق مستوى إجتماعي لأسرته”. لكن ذلك ليس كاف، فأنور مالك لا يريد مالا فقط بل شهرة إعلامية أيضا، فابن قصر العطش متعطش فعلا للشهرة والثروة ، ولذلك شرع في نشر أشعار بأسماء مستعارة في صحف ناطقة بالعربية مكنته من الظهور في التلفزيون الجزائري وهو لا يزال في الجيش.

أنور عبد المالك الشاعر
العسكري نوار عبد المالك “الشاعر” في أولى خطواته نحو الشهرة يكتب في صحيفة “البلاد” باسم مستعار
انور عبد الملك في التلفزيون الجزائري
العسكري نوار عبد المالك في ضيافة التلفزيون الحكومي بهوية مستعارة (شاعر)

ودون الخوض في تفاصيل تعرضه المزعوم للتعذيب علي يد وزير جزائري وطرده من الجيش وسجنه حتى تمكنه من الفرار من الجزائر، استغل أنور مالك هويته الجديدة في منفاه للهجوم على مؤسسة الجيش الوطني الشعبي سعيا للتقرب لوسائل الإعلام وتحقيق حلمه بالشهرة الإعلامية. فبعد أن كان ضابطا منخرطا في الحرب ضد الإرهاب طوال “العشرية السوداء”  التي شهدتها الجزائر، تحول اللاجئ أنور مالك بعد أن وضعت الحرب أوزارها لعدو للجيش الجزائري متهما أياه باقتراف جرائم في حق الإسلاميين رغم أنه انخرط بنفسه وبمحض إرادته في الجيش طوال الحرب الأهلية ! ولجلب انتباه وسائل الإعلام شرع فور وصوله لفرنسا وحصوله على اللجوء السياسي في نشر مقالات على موقع “الحوار المتمدن” يزعم فيها كشف فظائع لإحراج الدولة الجزائرية مرتديا زي المعارض “اليساري”  للنظام (انظر مثلا هنا وهنا وهنا !).

لكن كل تلك المقالات والقصص المفبركة لم تمكن العسكري نوار عبد المالك من جلب انتباه وسائل الإعلام الخليجية، لذلك توجه هذا الرجل المخادع لموقع يوتيوب في عام 2008 للكشف عن تعرضه المزعوم للتعذيب على يد وزير محاولا جلب انتباه الفضائيات الخليجية. و يحرص نوار عبد المالك على تقديم نفسه على أنه “الكاتب والصحفي المضطهد” وعلى استعمال اللغة الفصحى حتى يفهمه الإعلام الخليجي ويكتشف مهاراته الخطابية كضابط جزائري معارض وربما صحافي موهوب يستحق الاهتمام. وهذا ما تحقق إذ بدأت قناة الجزيرة في محاورته في برنامج “الصراخ” (الإتجاه المعاكس).

أنور مالك : مختص في “تفجير القنابل الإعلامية” لجلب الإعلام والمال

القنبلة الأولى : أنور مالك “الصحفي” يحاور نوار عبد المالك “الضابط الفار”. يحاور نفسه بنفسه ؟

كما أسلفنا الذكر فنوار عبد المالك يبحث عن الشهرة الإعلامية بأي ثمن ولذلك شرع في كتابة المقالات على الانترنيت باسمه المستعار “أنور مالك” تهاجم النظام الجزائري الذي خدم فيه طوال الحرب الأهلية واختلاق “قنابل إعلامية” لجلب انتباه الفضائيات الخليجية على الخصوص. ومنذ أن كان في الجزائر استعمل نوار عبد المالك اسماء مستعارة متعددة للكتابة في الصحف وللظهور في التلفزيون الحكومي دون الكشف عن مهنته الحقيقية في المؤسسة العسكرية. لذلك واصل على نفس النهج المخادع عندما وصل لفرنسا في إطار سعيه للولوج لعالم الصحافة. بل أنه حاور نفسه بنفسه عام 2009 عندما ابتكر كنيته المعروف بها اليوم “أنور مالك” وقدم نفسه على أنه “صحافي ناشط اعلامي وسياسي جزائري” حاور الضابط الفار “نوار عبد المالك” في مقال نشر في صحيفة “وطن” الأماراتية ثم تناقلته وسائل إعلام أخرى على غرار قناة الجزائرية

نعم أنور مالك مستعد لفعل أي شيء للظهور في الإعلام ولو كان ذلك بمحاورة نفسه بنفسه باعتباره “الصحفي والضيف في نفس الوقت” بتقمص شخصيات متعددة واختلاق قصص وأكاذيب لخداع الجماهير. وقد انتبه مبكرا لذلك بعض القراء وكشفوا في 2009 كذب وانتهازية أنور مالك من أجل الشهرة.

القنبلة الثانية : أنور مالك يغازل المخزن المغربي وينتقد البوليساريو قبل ان ينقلب عليه !

في أولى سنوات اللجوء لفرنسا، وهو بحاجة للدعاية لقضية معينة لجلب الإهتمام والمال، ارتأى أنور مالك أن يدغدغ مشاعر اللوبي المغربي في فرنسا، وجلب أهتمام وسائل الإعلام، وهذا هو حلمه الأساسي، بمعارضة الموقف الرسمي الجزائري في ما يخص نزاع الصحراء الغربية باتهام الجزائر بخلق البوليساريو واحتجاز آلاف اللاجئين في تيندوف وصرف 200 مليار دولار على هذا النزاع.

ففي مقال تحت عنوان ” هل أتاك حديث مخيمات البوليزاريو في تندوف ؟”، والذي استهله بهذه الجملة ” أعرف أن هذه الإعترافات ستكون بمثابة القنبلة” (ألم نقل لكم بأن المخادع أنور مالك يحب “تفجير القنابل الإعلامية لشد انتباه الإعلام؟)، يؤكد أنور مالك بأن البوليزاريو صنيعة جزائرية لأجل خلق بوابة للجزائر نحو المحيط الأطلسي وهذا ما تسعى إليه الأطروحة المغربية حول هذا النزاع.  بل قال أن مخيمات اللاجئين الجزائريين في تندوف “حولت لأوكار للدعارة المنظمة وسجون للتعذيب والإختطاف والحجز” ! فضلا عن أن “البوليزاريو التي تمارس سلطتها على شعب يبدو أنه مسجون في هذه المخيمات وليس فارا من جحيم الإحتلال كما يروج له”. هذا ما كتبه أنور مالك. ويحكي هذا المخادع “شهادات جنود وهميين وتسريبات استخباراتية واعترافات مصطنعة” حول الوضع في تندوف في إطار سعيه للتقرب من اللوبي المغربي في فرنسا مقابل حفنة دراهم.

وفي مقال آخر كتب أنور مالك : “حدثني يوما أحد عناصر البوليساريو (هو يكذب كالعادة، لم يحدثه أحد وإنما اخترع قصة) أنهم مستعدون لإبادة نزلاء المحتشدات لو فكروا في المغادرة الجماعية نحو الصحراء او المغرب أو حتى أعماق الجزائر، والسؤل المهم : لماذا يخون كل جزائري يرفض السياسة المنتهجة والتي يراد من خلالها تفجير المنطقة المغاربية وتدمير شعوبها بحروب وهمية قذرة؟
لماذا تحولت قضية البوليساريو إلى شيء مقدس في الجزائر وخط أحمر كل من يتجاوزه فقد جنى على نفسه؟!! ما الذي ستجنيه الشعوب المغاربية من دولة جديدة أو حتى أخر قادمة؟ ماذا سيستفيد الصحراويون من دولة تقودها جبهة تربت في ثكنات المخابرات الجزائرية”.

مخادعا كعادته، نوار عبد المالك يتبنى خطاب النظام المغربي ويريد استمالة الإعلام المغربي الذي سيستقبله بصدر رحب باعتباره مواليا لأطروحة الصحراء المغربية ومعارضا للنظام الجزائري. لكن ذلك لم يكفي لجلب الأموال والشهرة الموعودة، فاختار أنور المحتال طريقة “الانقلاب” (لخلق ضجة إعلامية أخرى) بعد زيارة  لمدينة الداخلة المغربية للمشاركة في ملتقى دولي شهدته المدينة المغربية. أختار أنور مالك الإنقلاب تماما على الأطروحات السابقة فيما يخص نزاع الصحراء الغربية وكتب مقالات (أو “فجر قنابل إعلامية” كما يحب دائما) موالية للبوليساريو ومعادية للمغرب وهذا ما سبب صدمة لبعض الإعلاميين المغاربة الذين شعروا بمرارة الخديعة.

وفي مقال للصحفي المغربي نورالدين لشهب، الذي كانت تربطه علاقات جيدة بأنور مالك (للأسف تمكن هذا الأخير من خداعه) وسبق أن حاوره حول قضايا يوالي فيها القصر الملكي المغربي وينتقد النظام الجزائري، يفسر هذا الأخير انقلاب أنور مالك على الأطروحة المغربية وتغييره لموقفه لصالح البوليساريو قائلا : “ الملاحظة الأولى هي أن الزميل أنور مالك توقف عند الصوت الانفصالي وحسب، ولم يهتم بالصوت الوحدوي، والسبب كما روى لي مصدر مطلع أنه لم يأبهوا به ولم يؤدوا له مصاريفه كاملة للتنقل من فرنسا إلى أقصى جنوب ألمغرب“.

وقد انتبه المتابعون للشأن المغربي لنفاق أنور مالك وسعيه المستمر لتغيير آرائه حسب مبدأ من يدفع أكثر. وتغيير أنور مالك لموقفه ليس حبا في الصحراء الغربية بل انتقاما من عدم اهتمام السلطات المغربية به (مالا وإعلاما) رغم تبنيه لموقف كلفه الكثير أمام الرأي العام الجزائري المتعاطف مع البوليساريو. بعد فشله في الحصول على “الرز المغربي” هاهو أنور مالك يتبنى خطاب البوليساريو لترميم سمعته أمام الرأي العام الجزائري. وقد انتبه المتابعون لهذا الحرباء كيف خدع المغاربة وانقلب عليهم بسب عدم حصوله على “الرز” الذي كان يتمناه.

بالطبع هذا الموقف الجديد لأنور مالك مربح إعلاميا لأنه جلب انتباه بعض الصحف الجزائرية الموالية للنظام وعلى رأسها جريدة الشروق التي خصصت صفحاتها “للقنبلة الإعلامية الجديدة التي فجرها أنور مالك“. ألم نقل لكم بأن المخادع أنور مالك اختصاصي في القنابل الإعلامية ؟ وكما ترون فأنور مالك سواء ساند المغرب أو البوليساريو دائما بارع في خداع جمهوره في إطار سعيه للنجومية عبر وسائل الإعلام، ولو حصل هذا اللاجئ على دعم مالي من أطراف مغربية لاستثمر ذلك للنضال من أجل “وحدة التراب المغربي” وضد البوليساريو ولما انتبه للرز السعودي. نحن هنا لا نتبنى أي موقف من قضية الصحراء الغربية وإنما نبين فقط مدى انتهازية اللاجئ أنور عبد المالك وسعيه المستمر للدفاع عن قضية معينة والدعاية لها مقابل أموال وشهرة وتغيير مواقفه كلية إذا لم يحقق “استثماره” النجاح المطلوب. 

القنبلة الثالثة : البعبع الشيعي الإيراني للدعاية لنظام آل سعود والاستمتاع بأرزه !

بعدما فشل نوار عبد المالك في استمالة المال والأعلام المغربي عبر الاتجار بقضية الصحراء الغربية أدرك هذا المخادع بأن الوقت قد حان للتودد للإعلام الخليجي وركب موجة العداء للشيعة وإيران وحزب الله تقربا من آل سعود وطمعا في “مكرماتهم” السخية.  نوار عبد المالك الذي خدم في مكتب الاتصال عندما كان عسكريا في الجيش يعرف الدعاية الإعلامية –  حسب تعاليم المدرسة السوفييتية التقليدية – ويسخرها للاسترزاق، لذلك انتبه إلى تصاعد التوتر الطائفي في الخليج على خلفية التنافس السعودي الإيراني في منطقة الشرق الأوسط داعيا لركوب موجة المحذرين من تنامي التيار الشيعي والتحذير من “الخطر الداهم” على الجزائر أولا لخلق ضجة إعلامية تضعه تحت أضواء القنوات التلفزيونية الخليجية، وهذا هدف أساسي، وأيضا لاستمالة الأطراف الخليجية الثرية المنخرطة في الصراع الإعلامي والسياسي بين إيران والسعودية، ويالها من تجارة رابحة.

بدأ انور عبد المالك الإستثمار في “مشروع البعبع الشيعي” عبر نشر مقالات تحكي صراعات وقصص شبيهة فأفلام الإثارة يلفقها كعادته لجلب انتباه الرأي العام والإعلام. وجميع القصص التي اخترعها عبد المالك بدءا بتعرضه للتعذيب من طرف وزير جزائري إلى احوال اللاجئين الصحراويين في تندوف إلى الغزو الشيعي المزعوم في الجزائر لا يمكن التحقق منها. دائما تحقيقات أنور مالك تعتمد على أوراق استخباراتية مسربة (يكتبها بنفسه) واعترافات وصلته من أصدقاء وهميين له في النظام الفلاني وهكذا. وربما ذلك ما دفعه عن التنازل عن الدعوى القضائية التي رفعها ضد سلطات بلاده الجزائر في المحاكم الدولية ومزاعمه حول التعذيب التي تعرض له. فلقد حصل على اللجوء السياسي وضمن الإقامة في فرنسا وأصبح مشهورا ولم تعد هناك حاجة لاختلاق المزيد من مسلسلات التعذيب المزعومة التي تمنحه الحق في اللجوء والشهرة والمال.

حان الوقت إذا لأنور مالك، كغيره من أشباه الصحفيين المرتزقة الذين لا يمتون بصله لمهنة الإعلام، للاستثمار في الدعاية لصالح المملكة السعودية عن طريق التخويف من إيران والشيعة والدعوة للالتفاف حول آل سعود باعتبارهم قادة “للأمة العربية” وأصدقاء للثوار العرب في سوريا والكل يعلم أن آل سعود وقفوا دوما ضد الثورات العربية وضد القوميين وضد الديمقراطية في مصر واليمن والبحرين وتونس. موقف أنور مالك باختصار يتماشى مع الرؤية السعودية ولذلك مثلا يتحاشى انتقاد نظام السيسي العسكري في مصر باعتباره حليفا قويا للسعودية. لكن ما هو موقف نوار عبد المالك من العرب قبل اندلاع الربيع العربي؟ وهل كان مدافعا عن حقوقهم في الحرية والديمقراطية كما يدعي اليوم ؟ لا، أبدا.

أنور مالك قبل الربيع العربي : العرب متخلفون ولصوص ولا يصلحون أصلا للحضارة !

دعونا نعود قليلا لما قاله أنور مالك عن العرب في 2009 على قناة الجزيرة قبل الربيع العربي وقبل تورط السعودية في الحربين السورية واليمنية، بل وقبل أن يصبح “ناشطا حقوقيا مزيفا”. ماذا قال أنور مالك عن العرب ؟ ونقصد الشعوب وليس الأنظمة. قال في حوار مع فيصل القاسم : “أن العرب مصابون بداء الفانتازيا وأنهم اخترعوا الصفر فمنهم من جلس عليه، ويوجد من وضعه على رأسه – وهو يستهزء بالعقال الذي يضعه العرب على رؤوسهم في الشام ودول الخليج قبل أنه يضعه هو بنفسه على رأسه تيمنا “بالرز السعودي” كما يبدو في الصورة أعلاه – وهناك من حزم به وراح يهز الصدر والبطن والورك حتى يثبت للعالم بأن الإنسان العربي قادر على فعل شيء ما (يقصد الرقص الشرقي باعتباره تراثا عربيا) … الإنسان العربي متخلف متخلف متخلف ولا يصلح أصلا للحضارة”. هذا ما قاله قال أنور مالك عندما كان يريد الظهور بمظهر الثائر في الفضائيات العربية. بالتأكيد أن الشعوب العربية اليوم مهزومة ومتخلفة ولكن من المسؤول عن هذا الوضع ؟ أليست الأنظمة العربية الإستبدادية التي قتلت روح الإبداع في الإنسان العربي؟ بالنسبة للانتهازي أنور مالك “الشعوب العربية هي المسؤولة عن ذلك لأن الحاكم العربي خرج منها”. أنور مالك قال هذا قبل اندلاع الربيع العربي عندما تحول فجأة لمدافع عن حقوق الإنسان العربي ! ويضيف أن “أي مواطن عربي لو وصل إلى الحكم فسيفعل أسوء مما يفعل الحكام الحاليين ولا فرق بين الحكام والمحكومين كلهم في سلة واحدة مادام عنوانهم العرب” وهو بذلك لا يقف بجانب الشعوب المظلومة التي تستحق حسبه كل هذا القمع والتخلف ! وبعد عامين تحول أنور مالك لصديق للشعوب وركب موجة الربيع العربي حسب وجهة نظر القنوات الخليجية التي تستضيفه.

وعداء أنور مالك لحزب الله ليس بسبب تدخله في سوريا إلى جانب الأسد كما يزعم اليوم، فقد أعتبر في حواره على الجزيرة حرب 2006 مع إسرائيل مجرد “مؤامرة فارسية” تتحمل وزرها إيران وليست إسرائيل. وختم أنور مالك انتقاده للعرب بهجوم على المهاجرين العرب الذين يعيشون في الغرب (أنسي أنه واحد منهم ؟) جميعهم بلا استثناء ووصفهم بأنهم على خلاف شعوب العالم الأخرى “لصوص، يطاردون النساء في الشوارع، وكل الأخلاق السيئة موجودة في الإنسان العربي” ! فبعد كل ما قاله، كيف لنا أن نصدق تحول أنور مالك اليوم لمدافع عن الشعب السوري ضد الديكتاتورية ؟ ألم يقل بأن الشعوب ستكون أسوء لو سمح لها باختيار حاكميها ؟ كيف نصدق دعوته العرب للاصطفاف وراء الملك السعودي – ديكتاتور رجعي آخر– لإنقاذ الإنسان العربي ؟ اتهامات أنور مالك للشعوب العربية جارحة شديدة التعميم ولا ضير إن تلقفتها مؤسسة “ميمري” الإسرائلية الدعائية، وهي مختصة في تشويه صورة العرب عند الرأي العام الغربي، فقامت بترجمتها للإنجليزية وبثها للجماهير الغربية وكأنها تقول لهم “وشهد شاهد من أهلها، هذه هي صورة العرب الحقيقية كما وردت على لسان “مثقف” عربي”.

أنور مالك : قواد آل سعود وخصم للموقف الجزائري

بقدرة قادر، أغتنم أنور مالك فرصة اندلاع أحداث الربيع العربي ليتبنى موقف السعودية في سوريا واليمن والبحرين ومصر لأن ذلك سيفتح له الطريق للقنوات التلفزيونية الخليجية وهو الذي يحب الظهور في الإعلام منذ أن كان ضابطا في الجيش الجزائري باسماء متعددة ومستعارة. نشاط أنور مالك على مواقع التواصل الاجتماعي يقتصر في أيامنا هذه على البروباغندا لفائدة العائلة الحاكمة في السعودية ويبدو أن الرسائل موجهة في جوهرها للجمهور السعودي لتجنيده وحشده وراء العائلة المالكة وتخويفه من “المد الشيعي الجارف” الذي يتهدد المملكة وإثارة عواطفه.

Image processed by CodeCarvings Piczard ### FREE Community Edition ### on 2016-01-12 10:05:38Z | |
تويت دعائي لأنور مالك لصالح أمراء آل سعود يستغل فيه العواطف الدينية لحث الناس على الإلتفاف حول الأسرة المالكة.

أنور مالك يدرك أن رسائله الدعائية لصالح آل سعود وانتقاده لمواقف وطنه السابق (الجزائر) الرافضة للحرب السعودية في اليمن وسوريا، وتجاهل حكومة بوتفليقة للحلف “الإسلامي” السعودي ضد الإرهاب، لا يلقى اهتماما في الشارع الجزائري. لذلك ارتأى غوبلز آل سعود الجديد تحريك الطائفية، وهي الوصفة السحرية التي يتقنها آل سعود ومشايخهم لتخويف الرأي الداخلي من الخطر الإيراني الداهم وإشغاله عن همومه اليومية، متهما سفير طهران في الجزائر بنشر التشيع في البلاد. وانتشرت “الحملة التويترية الخليجية” كالنار في الهشيم مطالبة بطرد السفير الإيراني وإرجاع الجزائر للحضن السعودي وقد تبنتها القنوات السعودية الطائفية كقناة “وصال” للضغط على الرأي العام الجزائري لكنها فشلت في تحقيق ذلك.

 هذا الإتهام هو بحد ذاته احتقار للشعب الجزائري لأن من يعتقد أن الجزائريين سيغيرون دينهم ومذهبهم وتقاليدهم لمجرد وجود سفير إيراني في الجزائر يشكك في عبقرية هذا الشعب الذي حافظ على ثقافته وهويته بالرغم من 132 عاما من الإحتلال الفرنسي. ثم أن السعودية لا تشكل بالنسبة لأي جزائري نموذجا للنهوض وللحرية والديمقراطية حتى ينساق وراء سياساتها وحروبها المذهبية، فقد عانت الجزائر من الإرهاب الإسلاماوي، ولا تزال إلى يومنا هذا بقايا تنظيم القاعدة تهدد أمن البلد، وهي ليست بحاجة لنقل الحرب المذهبية الداعشية التي تعاني منها شعوب الشرق الأوسط إلى عقر دارها. إذا كان اللاجئ أنور مالك يخشى انتشار التشيع في الجزائر، وهذا غير حقيقي وبروباغندا فاشلة، فإننا نخشى أكثر انتشار التيار السلفي-الوهابي-السعودي في البلاد (وهذا أمر واقعي ويراه يوميا كل الجزائريين) والذي قد يهدد التعايش في المجتمع الجزائري، ليس بسبب الشيعة فهم يعدون على الأصابع وأغلب الجزائريين لم يصادفوا شيعيا في حياتهم، ولكن بسبب تمسك الناس بالتراث المالكي المغاربي المعتدل الذي يعيش في كنفه المتصوفة والإباضيين والعلمانيين العرب والأمازيغ بسلام منذ قرون طويلة.

وأحداث مدينة غرداية الأخيرة تثبت ما نقول وبينت وجود تيار سلفي متطرف يكيل الشتائم للأقلية الإباضية ويتهمهم بالخوارج وهم أبناء البلد وتاريخهم أصيل وتقاليدهم وتراثهم يشرف كل جزائري. زد على ذلك فكل جزائري يتذكر التهديدات بالقتل التي أطلقها الناشط السلفي المتطرف عبد الفتاح زراوي حمداش،  قائد “جبهة  الصحوة الحرة الإسلامية السلفية الجزائرية”، ضد الصحفي كمال داود و دعوته من سماهم “أهل السنة في العالم” إلى حرق كتب ورسائل وديوان الشاعر السوري أدونيس

كل من يعيش في الجزائر يعلم اليوم أن الخطر الشيعي المزعوم لا يتعدى مواقع التواصل الاجتماعي التي يديرها متعاطفون مع الوهابية السعودية وأن التيار الديني الأكثر نشاطا في الجزائر هو التيار السلفي السعودي الذي يستولي على المساجد ويضغط على الجزائريين لثنيهم عن ممارسة عاداتهم وثقافتهم وإخضاعهم لمبادئ الوهابية السعودية المتشددة. بل أن وزير الشؤون الدينية الجزائري دق ناقوس الخطر محاولا استرجاع المساجد من قبضة السلفيين ‏الذين استولوا على المنابر عندما كانت الجزائر مشغولة بالحرب ضد الجماعات الجهادية المسلحة.

قد يقول أحدهم، أليس من حق العسكري الفار نوار عبد المالك الوقوف بجانب السعودية ودعمها في حروبها في اليمن وسوريا ووقوفها ضد النفوذ الإيراني المتزايد في الشرق الأوسط ؟ والجواب نعم. لكن أن ينخرط في نشر الكراهية الطائفية والمذهبية التي يعتمد عليها النظام السعودي لتفتيت شعوب المنطقة وتقديم نفسه باعتباره “زعيم المسلمين” والمدافع عن حقوقهم فهذا أمر مثير للإستغراب. ليس فقط لأن حقوق الإنسان في السعودية نفسها في أسوء الحالات كغيرها من ديكتاتوريات الشرق الأوسط،  ولكن لأن تبني الصراع المذهبي الذي راح ضحيته الآلاف في سوريا والعراق وباكستان واليمن ووصل للسعودية نفسها ونقله للجزائر مقابل حفنة دولارات تعتبر خيانة ممن يقدم نفسه على أنه مدافع على مصالح وحقوق العرب والجزائريين على وجه الخصوص. ثم ألم يغير المجتمع الفرنسي المبني على الحريات الدينية والديمقراطية والعيش المشترك الذي يحتضن هذا اللاجئ (الهارب من القمع السياسي كما يدعي) شيئا في أفكاره ؟ هذا هو الواقع، فهل يصدق أحد دعاية اللاجئ أنور مالك وتصريحات وفتاوى مشايخه السعوديين؟ ومن يصدق أحد حرصه على أمن الجزائر وخوفها على أمنها وهو الذي فر منها قاصدا اللجوء لفرنسا (المحتل السابق) ومن ثم حاول رفع دعوات قضائية دولية ضد مؤسستها العسكرية ؟ بإمكان هذا الحرباء امتطاء تيار الطائفية وحشد الرأي العام السعودي وراء ولي أمره لقبض دولاراتهم، هذا شأنه، لكن الأولى له أن يترك الجزائر بعيدة عن مغامرات مملكة الوهابية وحروبها المذهبية.

للإشارة فإن أنور مالك لا يكن الود لآل سعود وإنما لدولاراتهم. فقد كتب في مقال في السابق، أي قبل أن ينضم لصف لاعقي أحذية آل سعود، منتقدا ملك آل سعود ومشايخ الوهابية الذين اعتبرهم يهود خيبر : “الملك السعودي عبدالله صار منشغلا بولاية عهده لأن الحالة الصحية للأمير سلطان حرجة، وفي سياسته وأطروحاته الوضيعة يباركها ثلّة من علماء يتقنون لعق الصحون بأصابعهم والزحف على بطونهم في قصر جلالته، يمجدون ويخيطون فتاوى على مقاس حذاء يستعمله الملك لدخول بيت الخلاء، أو يكتبونها على ورق يستعمل في مراحيضه المزخرفة بالذهب الخالص !!… وطبعا لا ينتظر الخير من يهود خيبر أبدا“.

اليوم انقلب أنور مالك عما كتبه وغير رأيه بعدما تذوق حلاوة دولارات آل سعود وأصبح من أكبر المدافعين عن سياساتهم، أكثر من السعوديين أنفسهم. أنور مالك ليس وحده من يطبل لآل سعود، مؤخرا انضم له المحامي القادم لتوه من الجزائر “إسماعيل خلف الله” الذي أصبح بسرعة فائقة “ناشط في حقوق الإنسان” ومعارض للنظام الجزائري وخبير بالشأن الإيراني ومناهض للتشيع عبر رابطة أصدقاء السعودية “التويترية” و “المرصد الدولي لتوثيق وملاحقة جرائم إيران” الذي تم إنشاؤه في فرنسا مقابل دولارات سعودية. وهذا الحرباء كان منذ قصير مسؤول الإعلام والاتصال في حزب جبهة التحرير الوطني بفرنسا ودافع بكل شراسة عن حزب السلطة على قناة فرانس 24 قبل أن يعتنق النفاق ويصبح معارض للنظام وخبير في حقوق الإنسان وصديق مقرب لأنور مالك وبوق لآل سعود. وقبل أن ننهي المقال …

“قنبلة” أخرى فجرها أنور مالك كهدية للقارئ

لا ننوي الإطالة أكثر و نذكركم بالضجة التي أحدثها المراوغ نوار عبد المالك عندما أعلن في 2012، بعد مسرحيته في سوريا وانسحابه من البعثة التي زارت سوريا والتي ادعى فيها كاذبا كعادته بأن نظام الأسد أراد إغوائه بالحسناوات السوريات في الفندق الذي يؤوي البعثة، عندما تعرض للضرب في فرنسا وصرح لأحدى القنوات الموالية للمال الخليجي بأن جهات ما (يعني استخباراتية كما يردد دائما) تنوي قتله وأنه تلقي رسائل تهدده (رسائل كتبها بنفسه بدون شك). هدفه بدون شك خلق بلبلة وجلب تعاطف الرأي العام معه.

والحقيقة أن الذي تشاجر معه ليس عميل سوري كا يوحي نوار عبد المالك وإنما صهره المقيم في فرنسا والذي شرح للرأي العام لتوه بأن أنور مالك كاذب ويريد إحداث ضجة إعلامية لخدمة صورته وأجندته التي توالي المال الخليجي. وفي الفيديو أدناه لقاء مطول مع صهره الذي قدم للرأي العام حقائق مذهلة عن شخصية نوار عبد المالك منذ وصوله لفرنسا ونترك للقارئ الحكم بنفسه. 

وللحديث بقية.

الجزائر نت